احتضنت جامعة آل البيت في مدينة المفرق في الأردن في قسم اللغات الحديثة فعاليات المؤتمر الفرانكوفوني الأردني الدولي الثاني بعنوان :"تلقي ألف ليلة وليلة في حقول العلوم الإنسانية عالميًّا"،وذلك بالتعاون مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في الأردن والسّفارة الفرنسيّة في عمان والمكتب الجامعي للفرانكوفونيّة.وقد أعلن رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور نبيل شواقفة انطلاق فعاليات المؤتمر مرحباً بالضّيوف والمشاركين،ومتحدّثاً عن أهمية التعالق والتدارس والتحاور في الدّرس البحثي الإنسانيّ.
وقد شارك في المؤتمر أكثر من 70 مشاركاً من الأردن،وألمانيا،وبلجيكا،والبرازيل،والبرتغال،وكندا،وإيطاليا،وفرنسا،وتونس،ومصر،والنّمسا،والمغرب،وسوريا،وإيران،وأمريكا،ودول أخرى. وكانت الجلسات باللغة الإنجليزية والفرنسية فضلاً عن العربية.
ودارت محاور الأبحاث المقدّمة في المؤتمر حول:تلقي ألف ليلة وليلة في الآداب العالمية والفنون الجميلة،والأدب من منظور gender ( الجندر) النوع الاجتماعي،وأدب الأطفال والقصص المصورة،والمسرح والرسم والموسيقى والنحت والسينما والأفلام المتلفزة وأفلام الرسوم المتحركة،وترجمات ألف ليلة وليلة: تقويم ونقد،وحكايات ألف ليلة وليلة في ضوء نظريات القراءة والتلقي والتأويل،وحكايات ألف ليلة وليلة من منظور نفسي وأنسني،ومنابع ألف ليلة وليلة: آفاق جديدة،والغرب ورؤية المجتمع العربي في مرآة ألف ليلة وليلة.
وفي اليوم الأوّل من المؤتمر قُدّمت ثلاث جلسات علمية ،شارك فيها الدكتور فاكر بن محمد يوسف من تونس بورقة عمل بعنوان" ألف ليلة وليلة وتشكّل الوعي الغربي بالمسألة الجنسانية: ميشال فوكو عيّنة"ود. منتهى الحراحشة، الأردن،من جامعة آل البيت بورقة عمل بعنوان" توظيف ألف ليلة وليلة في نماذج من القصة القصيرة في الأردن"،وأ. د شكري عزيز الماضي من الأردن من الجامعة الأردنية بورقة عمل بعنوان" تلقي ألف ليلة وليلة في النقد العربي"ود. عمر صبحي جابر، الأردن، بورقة عمل بعنوان" أُصول ألف ليلة وليلة بين الكتّاب والنقاد العرب: قديمًا وحديثًا"،ود. أحمد المجالي من الأردن بعنوان" أندلسيات كتاب ألف ليلة وليلة" وأ.د: داريجان غارداوادزه، جورجيا، جامعة تبيليسي الحكومية بورقة عمل بعنوان" ترجمة ألف ليلة وليلة إلى اللغة الجورجية.
أمّا في اليوم الثاني فقد عُقدت جلسة علميّة مطوّلة شارك فيها كلّ من :أ. د. هند أبو الشعر، الأردن، جامعة آل البيت بورقة عمل بعنوان" صورة التجارة والتجار في حكايات ألف ليلة وليلة( الجزء الأول نموذجاً)،ود. صالح الشورة، الأردن، بورقة عمل بعنوان: حكايات ألف ليلة وليلة من منظور نفسي وإنساني: العطور وألف ليلة وليلة،ود. عبد الكريم جرادات، د. مارلين غنيمين، الأردن، جامعة آل البيت،ود. مها مبيضين، الأردن، جامعة آل البيت: تحورات ألف ليلة وليلة في الفنون الجميلة،ود. سناء شعلان، الأردن، الجامعة الأردنية ورقة عمل بعنوان توظيف ألف ليلة وليلة في مسرحية"الملك هو الملك" لسعد الله ونّوس.
وقد عرض الدكتور فاكر بن محمّد يوسف في بحثه لانشغال الفيلسوف الفرنسي المعاصر ميشال فوكو بما يسمّى في حقل الدراسات الإنسانية المسألة الجنسانية. وقد نظر إليها من حيث سيرورتها المعرفية والتاريخية ومن حيث طرق تشكّلها الخطابي ومن حيث علاقتها بالسلطة تأثّرا وتأثيرا. وتبعاً لهذا التقسيم الدال على تصوّر عام لمنزلة الجنس في الشرق وطبيعة مباشرة الظاهرة في الفضاء العربي الإسلامي تحديدا قدّرنا وجود علاقة وطيدة بين تصوّر فوكو للجنس عامة وللجنس في المشرق تحديدا وكتاب ألف ليلة وليلة.
وقد ذكرت د. منتهى طه الحراحشة في بحثها إنّ ألف ليلة وليلة قد احتلت حكايات ألف ليلة وليلة مكانة واسعة في قصص الأطفال العربية بصفة خاصة، فبدت في صور متنوعة ملتبسة بمبدأ التمثيل الذي قوامه الإيهام بها وتخييلها دون الإحالة المباشرة على ما تتشكل به ومنه في الواقع فتجاوزت كونها مجرد شيء خرافي أو مجرد خلفية للأحداث، فهي تمثل المرجعية التي تبنى عليها الكثير من قصص الأطفال الحديثة ، حاملة الدلالة التي تدور حولها عناصر القصة. وقد شغل حضور حكايات ألف ليلة وليلة حيزًا في قصص الأطفال أولاً، وفي القصص العالمية ثانيًا لما تشكله من مصدر هام لها. وتعامل معها الأدب فظهرت فيه بقيمها السلبية والإيجابية، كمصدر دال على أهمية توظيف التراث في الأدب
وفي ورقة أ.د. شكري عزيز الماضي عرض للتجارب النقدية العربية التي تناولت " الليالي." ، ويركز على التجارب الرائدة ولا سيما تجربة الناقدة الكبيرة " سهير القلماوي "التي تعد – بحق – الرائدة الأولى إذ قدمت بحثاً علمياً رصيناً ومتميزاً بشموليته وعمقه. ويناقش البحث المواقف النقدية لظواهر مهمة من مثل : الخوارق في ألف ليلة وليلة ،والموضوعات الدينية ،والخلقية ، والاجتماعية ، والتاريخية ، والتعليمية ، وموضوع الحيوان في الليالي، وموضوع المرأة.ويختتم البحث بنتائج مهمة تتعلق بكيفية تناول نص الليالي- والأدب الشعبي عامة –منهجياً وإجرائياً .
وتناول بحث د.عمر صبحي جابر آراء الكتّاب والنقاد العرب القدماء بالمناقشة والتحليل في مشارب ألف ليلة وليلة، مبتدئا بالمسعودي في كتابه مروج الذهب، ثم بابن النديم في كتابه الفهرست، ثم بأبي حيان التوحيدي في كتابه الإمتاع والمؤانسة، ومنتهيا بالمقريزي في المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار.
وذكرت أ. د. داريجان غارداوادزه في بحثها إنّ الترجمة أساس من الأسس الهامّة لثقافة أيّ أمّة من الأمم. وإنّ عدد النماذج الأدبية المترجمة وجودتـَها تقدّر المستوى لثقافة كلّ أمّة من الأمم. الترجمة الجيّدة هي الواقعة الأدبية المستقلـّة وتضع أحياناً حجر الأساس للنزعات والاتـّجاهات الأدبية الجديدة في الأدب الوطنيّ .
أمّا أ. د. هند أبو الشعر فقد ذكرت إنّ دراستها تحاول إعادة قراءة حكايات ألف ليلة وليلة ، في إمكانية اعتبارها مصدرا لدراسة التاريخ ، ومدى إمكانية اعتمادها لقراءة أحوال التجار والتجارة في المشرق الإسلامي ، وقد خلصت الدراسة إلى إن النص الذي وصلنا يعود إلى العهد المملوكي ، بعد التفحص التاريخي والمنهجي للغة و المصطلحات الإدارية والإشارات التاريخية ، وتبين لنا أن هذا النص يقدم صورة مقبولة لتجارة مصر و العراق وبلاد الشام في العهد المملوكي ويمكن من خلاله قراءة العلاقات التجارية وأحوال التجار ، وهو استنتاج غير مسبوق في الدراسات التي تناولت حكايات ألف ليلة وليلة التي اعتادت أن تركز على الجوانب الفنية وعلى صورة المرأة والدلالات الفنية .
وعرض د. صالح الشورة في ورقته البحثية لوجود إشارات متناثرة في حكايات " ألف ليلة وليلة" لاستخدام العطور بكل أشكالها وفي مناسبات متعددة. وهذه الورقة تعمل على رصد تلك الاستخدامات والعوامل السيكولوجية والسيوسيولجية الناتجة عن ذلك الاستخدام. إضافة إلى المؤثرات الكثيرة التي هيأت لها الروايات لذكر العطور مثل: حالات الزواج، والحفلات، ولقاءات المحبين وغيرها. كما تبحث هذه الورقة في العامل النفسي الذي صاغ علاقة واضحة تتناسب وسرد الأحداث، حين مثلت العطور دليلاً جغرافياً يستدل به العاشق على وطن معشوقته إن صح التعبير. أو أن يكون الدليل على الوصول إلى التعامل مع الآخر " عالم الجن والعفاريت" على سبيل المثال. كما تؤكد حكايات ألف ليلة وليلة التركيز على حياة الترف التي كان يعيشها بعض الخلفاء والأمراء من خلال رصد المناسبات التي كانت تستخدم فيها العطور في القصور.
وتوقّف د. عبد الكريم جرادات و د. مرلين غنميين اللذين قدما ورقة عمل مشتركة
عند ترجمة التبريزي التزامها بالنص العربي إلى حد بعيد، وأنّ كان هناك بعض تغييرات اعترت الأمور المذهبية و الأخلاقية و ما يتعلق بالثقافة العربية ، أما التغيير الجذري الذي أتى به المترجم فكان في الأشعار العربية ، حيث استعان التبريزي بأحد شعراء الفرس وهو (سروش أصفهاني) لنظم أشعار فارسية تقابل العربية ،أو أنه لجأ إلى انتقاء أشعار لكبار شعراء الفرس وأحلها مكان العربية فلم أحلت الفارسية محل العربية؟ و ما أضافت إلى النص العربي من معان جديدة وسمات فنية وشعرية ؟ وبما قاربت وفارقت الأشعار العربية ؟ والى أي حد كان المترجم موفقا في اختيار الأشعار الفارسية البديلة ؟ هذا ما رام البحث دراسته و مبتغى تمنى أن يدركه .
وذكرت د.مها عبد القادر مبيضين في ورقتها البحثية إنّ ألف ليلة وليلة قد أثّر كثيراً
في الحركة الفنية ففي فن التصوير تحورت قصص مختلفة إلى لوحات فنية لدى عدد كبير من الفنانين فكان للوحات المنجزة أثرها البالغ في تشكيل صورة أولى عن الكتاب وكذلك عن الشرق شأن أثر ترجمة رباعيات الخيام بعد صدورها وخاصة تلك الطبعات الأولى من الرباعيات تلك التي حظيت برسومات تستند إلى عوالم ألف ليلة وليلة.أما في العمارة فقد اعتمد المعماريون في العصر الحديث على الطراز الأموي في العمارة في التعبير عن تلك العوالم السحرية المتخيلة والممزوجة بفنون معمارية لعوالم العمارة في ألف ليلة وليلة
أما الموسيقى فقد كان لتلقي كتاب ألف ليلة وليلة دورًا بارزًا في سمفونيات خالدة ذات وقع يفيض بالرومانسية التي طغت على التأليف الموسيقي لدى الشرق والغرب في هذا الباب
أما النحت فقد أثر كتاب ألف ليلة وليلة على عوالم الفتنة والسحر الأنثوي شأن اللوحات التصويرية فغدت منحوتات القصور والنساء الحالمات مسيطرة على المنحوتات في أغلب
الأحيان وكذلك فقد ألهم هذا الكتاب مصمّموا الرقص بعدة رقصات تمثل الرقص الشرقي المستمد من عوالم المتخيل السردي إلى متخيل أدائي.
وفي معرض حديث د.سناء الشعلان عن توظيف ألف ليلة وليلة في مسرحية"الملك هو الملك" لسعد الله ونّوس ذكرت إنّ سعد الله ونوس في مسرحيته" الملك هو الملك" يلجأ إلى توظيف حكايات ألف ليلة وليلة في بناء مسرحيته،وذلك عبر رؤية حداثية،وفعل حداثي يتعامل مع الماضي والحاضر بمنظور جمالي قادر على أن يسقط الماضي على الحاضر،وأن يفضح عيوب الحاضر متخفّياً وراء عبرة الماضي.وهو بذلك يحيلنا عبر فعل درامي نشط إلى واقع سياسي واجتماعي معاصر يعاني من نفس اختناقات ومراهنات وأسئلة الماضي الحاضر فينا.
ففي مسرحية الملك هو الملك درس سياسي واضح، وهو أنّ تغير الأفراد لا يُغيّر الأنظمة، وإنّما على الأنظمة أن تغيّر من قواعدها، حتى تصحَ الجسوم، وتلمع الوجوه بالبشر كما كان الناس في سابق الزمان. فالمسرحية كما يقول ونّوس هي "لعبة تشخيصية لتحليل بنية السلطة في أنظمة التنكر والملكية" ويراد بأنظمة التنكر والملكية المجتمعات الطبقية لا سيما البرجوازيات المعاصرة عسكرية كانت أم لا.فهي محاولة خاصة وخلاّقة لتطويع التراث في تحيل بنية السلطة بغية فضحها بعد تفكيكها وتحليل نواقصها ومكامن الخلل فيها.
ولقد استوحى سعد الله ونّوس مسرحيته من حكايتين من حكايات ألف ليلة وليلة، ومن المعروف أنّ هارون الرشيد في حكايات ألف ليلة وليلة يضجر، وأمام هذه الحالة إمّا أن يدعو نديماً ليسامره، أو خليعاً ليسليه، وإمّا أن يخرج متنكراً في زي التجّار هو ووزيره جعفر البرمكي، وسيافه مسرور، وأحياناً نديمه أبو نوّاس .
وأُختتم فعاليات المؤتمر بحفل ختامي تكلّم فيه نائب رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور ناصر أحمد الخوالدة عن الفوائد المأمولة من هذه الفعالية العملاقة التي شارك فيها الكثير من الباحثين العرب والأجانب في حقول مختلفة ومن زوايا مختلفة.في حين أشاد الأستاذ الدكتور د. محمد الدّروبي، عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالأبحاث العلمية التي فتحت الآفاق على مزيد من عُرى التواصل والتلاقح بين هذا المنجز الإبداعي العملاق والتراكمات الإبداعيّة المتناصة معه أو المتأثّرة به.كما عبّر الدكتور وائل ربضي عن سعادته بهذا المؤتمر الذي يُعدّ امتداداً محموداً للتواصل الإنساني الإيجابي عبر العلم والإبداع بعيداً عن القطيعة أو العزلة أو التناحر،كما ذكر إنّ المؤتمر قد نجح بفضل الجهود العلمية الصّادقة التي تضافر الجميع في تقديمها. وهو فخور غاية الفخر بهذا النّجاح الذي يكرّس جامعة آل البيت التي ماانفكت أن تكون حاضنة للعلم والعلماء،مشيراً إلى أنّ اللجنة التحضيرية للمؤتمر قد تكوّنت من أ.د.فواز الزبون، عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية سابقاً،ود. وائل ربضي،ود. دانييل بو شانجيه،ود. ايزابل بيرنارد،و د. محمد الدروبي، عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية.كذلك تكوّنت اللجنة التحضيريّة للغة العربية من د. أمين عودة،ود. محمود الديكي،ود. محمد العبسي،و د. منتهى الحراحشة,أمّا اللجنة العلمية فقد تكوّنت من:أ. د. شكري الماضي،وأ. د. خليل الشيخ،ود. إبراهيم خليل،ود. أمين عودة.وتكوّنت لجنة التنسيق من:د. حسين كتانة،وزيدان الشوملي،وصايل الدغمي،وعائشة الحرحشة،وفاتنة العزة.
-------------------------------------------------
*الكاتبه دكتورة في الادب العربي الحديث والنقد في جامعة
ارسلت موضوعها الى مجلة انكيدو ولعطل المجله تم نشره هنا
عدل سابقا من قبل رحيم الغالبي في الأحد أبريل 17, 2011 8:19 pm عدل 1 مرات (السبب : خطا مطبعي)
الأحد يونيو 29, 2014 1:49 am من طرف مصطفى الروحاني
» قصيدة هبة الله للشاعر العراقي عبدالله النائلي
الأحد يونيو 29, 2014 1:45 am من طرف مصطفى الروحاني
» رثائية حبيب للشاعر العراقي عبدالله النائلي
الأحد يونيو 29, 2014 1:44 am من طرف مصطفى الروحاني
» تعبان مثل العشگ
الإثنين أكتوبر 17, 2011 2:23 pm من طرف الفراشه الحالمه
» اشتقت اليـــــــك
الإثنين أكتوبر 17, 2011 3:20 am من طرف الفراشه الحالمه
» اخاف عليك من روحي
الإثنين أكتوبر 17, 2011 3:14 am من طرف الفراشه الحالمه
» نهر عطشان
الإثنين أكتوبر 17, 2011 3:08 am من طرف الفراشه الحالمه
» مرثية ليست اخيرة
السبت يونيو 18, 2011 7:00 pm من طرف سامي عبد المنعم
» رحيم الغالبي ..... لك العافية
السبت يونيو 18, 2011 9:16 am من طرف كامل الغزي
» تجليات الفنان الفطري حمد ماضي
الجمعة مايو 27, 2011 11:21 am من طرف كامل الغزي