شخصيات تحترق من الداخل
https://2img.net/r/ihimizer/img170/2210/72982530.jpg
بمجرد أن نجد اسم المخرج "جاليرمو ارياجا" على ملصق هذا
الفيلم، ستكون الإحالة مباشرة إلى أفلام أخرى، تعامل معها باعتباره كاتبا
للسيناريو، وهي أفلام قليلة، ولكن لها نكهة خاصة، استقبلت من قبل النقاد
بحفاوة كبيرة، وعرضت في معظم المهرجانات السينمائية، وتوقف أمامها الجمهور
حائرا، يقبل عليها حينا ويهجرها في أحيانا أخرى، بحسب المستوى والنوع
ودرجة الاستعداد للقبول بالتجديد والمغايرة والتلاعب بالشكل الغني بصوره
المتعددة.
ثلاث جنازات: -
لابد لنا أن نعود إلى فيلم قديم نسبيا وهو "ثلاث جنازات لملكويدوس استرادا"
2005 والذي أخرجه "تومي لي جونس". لقد كتب جاليرموارياجا سيناريو هذا
الفيلم، مستندا إلى خطبين أساسين، أولهما الكتابة على المنطقة الحدودية
بين أمريكا والمكسيك، بحيث يتم الانتقال إلى دولتين مختلفتين، رغم تشابه
البيئة الصحراوية المشتركة على الحدود.
والخط الثاني، اعتماد هذا الكاتب المكسيكي على الشخصيات المتناثرة، أو
المنفصلة عن بعضها بشكل ظاهرى، والملتحمة مع بعضها أيضا وفق طبيعة جوهر
الموضوع وطبيعة القصة المختارة.
سنرى هذا الكاتب، ومع نجاح فيلمه الأول دوليا، على مستوى كتابة السيناريو،
يعيد هذه التجربة في أكثر من فيلم بعد ذلك، وربما بتفوق أفضل باهر.
عدة أفلام: -
إذا استبعدنا فيلم "امبيروس بيروس" سنجد أن فيلم "21 غرام" هو الأفضل
تعبيرا عن فكرة تشظي الشخصيات واستقدام المسارات المتوازية لقصص تبدو
إحداثها متباعدة لكنها تؤدي إلى بعضها البعض في النهاية، وذلك من خلال
ثلاث شخصيات رئيسية وهي "بول ومايكل وميتشل".
في فيلم آخر لنفس الكاتب، نال شهرة أوسع، وهو "بابل" ،2006 نجد نفس الطريقة
وقد تكررت، ولكن بالاعتماد على توزيع وتباعد الأمكنة، من المغرب إلى
المكسيك إلى اليابان
لا يعني ذلك بالطبع أن الأفلام من هذه النوعية قد تم حصرها في إنتاج هذا
الكاتب، في أكثر الأفلام التي تعتمد على تعدد الشخصيات وتباعدها أو
تداخلها! لكن "جاليرموارياجا" هو من أشهر كتاب هذه النوعية في العقدين
الآخرين بالنسبة إلى السينما غير الاوروبية، وربما أيضا السينما غير
الأمريكية، حيث فرضت طبيعة الإحداث المختارة بكل ما فيها من مناخات وأمكنة
متميزة لونا جديدا من السينما الهجينة أو السينما العالمية، رغم الاعتماد
على اللغة الانجليزية في أكثر الأحوال وعدم إهمال اللغات المحلية أيضا.
أول التجارب: -
الفيلم الجديد الذي كتبه هذا الكاتب "جاليرمو ارياجا" جاء بعنوان "السهل
المحترق" إنتاج 2009، ولم يكتف الكاتب بكتابة السيناريو، بل أخرج الفيلم
أول تجربة إخراجية له.
اعتمد فيلم "السهل المحترق" على قصة قصيرة لكاتب مكسيكي وهو "جوان رولفو
1917 – 1986" والقصة هنا ذات طابع سردي تقليدي، متطورة في إحداثها، لكنها
تحولت لدى كاتب السيناريو الذي هو نفسه المخرج إلى فيلم متداخل الإحداث
ومتعدد الشخصيات والأزمنة والأمكنة.
يبدأ الفيلم بمشاهد أولى في مدينة أورجين في أمريكا، حيث نجد شخصية نسائية
تدعى سيلفيا، تعمل مديرة لمطعم، حيث يظهر عليها النجاح في عملها من خلال
طريقة قيادتها للطاقم الذي يعمل معها. غير أنها أغاني من أزمة داخلية،
انعكست على سلوكها، الذي يتسم باختيار العزلة والوقوف طويلا في حيرة أمام
النافذة العليا، وربما التفكير في الانتحار، كما عكست ذلك مشاهد الوقوف
على الحافة الخطرة للبحر
خيوط القصة:-
هذه الشخصية هي أحد خيوط القصة، والتي يتركها الفيلم، بعد أن يوضح أنها
تحاول أن تنسى شيئا ما باندفاعها نحو العلاقات الجنسية المتعددة، والأقرب
أنها تحاول تعذيب ذاتها بهذا السلوك أو تعذيب النفس أو التكفير عن خطيئة
معينة أو خطأ ما طال حياتها السابقة.
يترك الفيلم هذه الشخصية "سيلفيا" ويركز على شخصية أخرى نسائية. إنها
الزوجة "جينا" التي تعيش فى أطراف بلدة مكسيكية مع زوجها وأبناءها
الأربعة. تقوم بدور هذه الزوجة الممثلة "كيم باسنجر" في دور متميز لها
ولافت للنظر.
تعاني الزوجة حالة من الحرمان العاطفي والجنسي، بسبب واضح له علاقة بالزوج
أولا، ولذلك فهي تواعد عشيقا لها يدعى "نيك" وهو أيضا زوج وله عائلة
متوسطة العدد.
عربة قديمة:-
يركز الفيلم على المناخ الحار نسبيا المرتبط بالمنطقة الحدودية الجنوبية
"الامريكية المكسيكية" وعلى الفراغ أيضا، حيث تفصل المساحات الشاسعة بين
المنازل، ولذلك تم اختيار "مقطورة" قديمة باعتبارها المكان المناسب للقاء
العاشقين اللذين يخدع كل منهما عائلته، مع الاحتفاظ بأكبر قدر من السرية
التامة.
الابنة الكبرى للزوجة "جينا" تدعى ماريانا، إنها قد تجاوزت سن المراهقة
ولذلك تشعر بغرابة تصرفات أمها، حيث الاتصالات الهاتفية السرية، وكذلك
الخروج في أوقات كثيرة بسيارة العائلة، وغيابها عن البيت استمرار.
كل ذلك يقود الابنة إلى الشك في وجود علاقة بين أمها ورجل آخر لا تعرفه في
البداية، وعندما تقودها دراجتها إلى مكان لقاء العاشقين، تكتشف مكان
"المقطورة" أو العربة المهجورة في المكان المعزول عن مركز الحركة، إلا من
حركة بعض الطيور والحيوانات التي يركز عليها الفيلم بين الحين والآخر، حيث
حضور هذه الكائنات يزداد ويقوى بمصاحبة حضور الشخصيات البشرية.
سرد متداخل
يترك الفيلم هذه الشخصية ليعود إلى غيرها في عملية سردية متوازية لا تؤدي
إلى نتيجة واضحة من البداية إلى النهاية، لأن الفيلم لا يكترث كثيرا بتطور
الإحداث ولا يهتم بما سيحدث، بقدر اهتمامه بالكيفية وطريقة المعالجة، والى
أمد قصير لا يستطيع المتفرج أن يستوعب العلاقة بين الشخصيات، ولا يستطيع
أن يضعها في إطار متداخل ومنسجم، وتبقى حالة الغرابة هي السائدة، ولعل هذا
من الايجابيات التي يمكن أن ننسبها إلى طريقة الكتابة أولا، ثم إلى طريقة
إخراج الفيلم ثانيا. لقد اختار الفيلم شكلا غير تقليدي لقصة تقليدية.
https://2img.net/r/ihimizer/img170/2210/72982530.jpg
بمجرد أن نجد اسم المخرج "جاليرمو ارياجا" على ملصق هذا
الفيلم، ستكون الإحالة مباشرة إلى أفلام أخرى، تعامل معها باعتباره كاتبا
للسيناريو، وهي أفلام قليلة، ولكن لها نكهة خاصة، استقبلت من قبل النقاد
بحفاوة كبيرة، وعرضت في معظم المهرجانات السينمائية، وتوقف أمامها الجمهور
حائرا، يقبل عليها حينا ويهجرها في أحيانا أخرى، بحسب المستوى والنوع
ودرجة الاستعداد للقبول بالتجديد والمغايرة والتلاعب بالشكل الغني بصوره
المتعددة.
ثلاث جنازات: -
لابد لنا أن نعود إلى فيلم قديم نسبيا وهو "ثلاث جنازات لملكويدوس استرادا"
2005 والذي أخرجه "تومي لي جونس". لقد كتب جاليرموارياجا سيناريو هذا
الفيلم، مستندا إلى خطبين أساسين، أولهما الكتابة على المنطقة الحدودية
بين أمريكا والمكسيك، بحيث يتم الانتقال إلى دولتين مختلفتين، رغم تشابه
البيئة الصحراوية المشتركة على الحدود.
والخط الثاني، اعتماد هذا الكاتب المكسيكي على الشخصيات المتناثرة، أو
المنفصلة عن بعضها بشكل ظاهرى، والملتحمة مع بعضها أيضا وفق طبيعة جوهر
الموضوع وطبيعة القصة المختارة.
سنرى هذا الكاتب، ومع نجاح فيلمه الأول دوليا، على مستوى كتابة السيناريو،
يعيد هذه التجربة في أكثر من فيلم بعد ذلك، وربما بتفوق أفضل باهر.
عدة أفلام: -
إذا استبعدنا فيلم "امبيروس بيروس" سنجد أن فيلم "21 غرام" هو الأفضل
تعبيرا عن فكرة تشظي الشخصيات واستقدام المسارات المتوازية لقصص تبدو
إحداثها متباعدة لكنها تؤدي إلى بعضها البعض في النهاية، وذلك من خلال
ثلاث شخصيات رئيسية وهي "بول ومايكل وميتشل".
في فيلم آخر لنفس الكاتب، نال شهرة أوسع، وهو "بابل" ،2006 نجد نفس الطريقة
وقد تكررت، ولكن بالاعتماد على توزيع وتباعد الأمكنة، من المغرب إلى
المكسيك إلى اليابان
لا يعني ذلك بالطبع أن الأفلام من هذه النوعية قد تم حصرها في إنتاج هذا
الكاتب، في أكثر الأفلام التي تعتمد على تعدد الشخصيات وتباعدها أو
تداخلها! لكن "جاليرموارياجا" هو من أشهر كتاب هذه النوعية في العقدين
الآخرين بالنسبة إلى السينما غير الاوروبية، وربما أيضا السينما غير
الأمريكية، حيث فرضت طبيعة الإحداث المختارة بكل ما فيها من مناخات وأمكنة
متميزة لونا جديدا من السينما الهجينة أو السينما العالمية، رغم الاعتماد
على اللغة الانجليزية في أكثر الأحوال وعدم إهمال اللغات المحلية أيضا.
أول التجارب: -
الفيلم الجديد الذي كتبه هذا الكاتب "جاليرمو ارياجا" جاء بعنوان "السهل
المحترق" إنتاج 2009، ولم يكتف الكاتب بكتابة السيناريو، بل أخرج الفيلم
أول تجربة إخراجية له.
اعتمد فيلم "السهل المحترق" على قصة قصيرة لكاتب مكسيكي وهو "جوان رولفو
1917 – 1986" والقصة هنا ذات طابع سردي تقليدي، متطورة في إحداثها، لكنها
تحولت لدى كاتب السيناريو الذي هو نفسه المخرج إلى فيلم متداخل الإحداث
ومتعدد الشخصيات والأزمنة والأمكنة.
يبدأ الفيلم بمشاهد أولى في مدينة أورجين في أمريكا، حيث نجد شخصية نسائية
تدعى سيلفيا، تعمل مديرة لمطعم، حيث يظهر عليها النجاح في عملها من خلال
طريقة قيادتها للطاقم الذي يعمل معها. غير أنها أغاني من أزمة داخلية،
انعكست على سلوكها، الذي يتسم باختيار العزلة والوقوف طويلا في حيرة أمام
النافذة العليا، وربما التفكير في الانتحار، كما عكست ذلك مشاهد الوقوف
على الحافة الخطرة للبحر
خيوط القصة:-
هذه الشخصية هي أحد خيوط القصة، والتي يتركها الفيلم، بعد أن يوضح أنها
تحاول أن تنسى شيئا ما باندفاعها نحو العلاقات الجنسية المتعددة، والأقرب
أنها تحاول تعذيب ذاتها بهذا السلوك أو تعذيب النفس أو التكفير عن خطيئة
معينة أو خطأ ما طال حياتها السابقة.
يترك الفيلم هذه الشخصية "سيلفيا" ويركز على شخصية أخرى نسائية. إنها
الزوجة "جينا" التي تعيش فى أطراف بلدة مكسيكية مع زوجها وأبناءها
الأربعة. تقوم بدور هذه الزوجة الممثلة "كيم باسنجر" في دور متميز لها
ولافت للنظر.
تعاني الزوجة حالة من الحرمان العاطفي والجنسي، بسبب واضح له علاقة بالزوج
أولا، ولذلك فهي تواعد عشيقا لها يدعى "نيك" وهو أيضا زوج وله عائلة
متوسطة العدد.
عربة قديمة:-
يركز الفيلم على المناخ الحار نسبيا المرتبط بالمنطقة الحدودية الجنوبية
"الامريكية المكسيكية" وعلى الفراغ أيضا، حيث تفصل المساحات الشاسعة بين
المنازل، ولذلك تم اختيار "مقطورة" قديمة باعتبارها المكان المناسب للقاء
العاشقين اللذين يخدع كل منهما عائلته، مع الاحتفاظ بأكبر قدر من السرية
التامة.
الابنة الكبرى للزوجة "جينا" تدعى ماريانا، إنها قد تجاوزت سن المراهقة
ولذلك تشعر بغرابة تصرفات أمها، حيث الاتصالات الهاتفية السرية، وكذلك
الخروج في أوقات كثيرة بسيارة العائلة، وغيابها عن البيت استمرار.
كل ذلك يقود الابنة إلى الشك في وجود علاقة بين أمها ورجل آخر لا تعرفه في
البداية، وعندما تقودها دراجتها إلى مكان لقاء العاشقين، تكتشف مكان
"المقطورة" أو العربة المهجورة في المكان المعزول عن مركز الحركة، إلا من
حركة بعض الطيور والحيوانات التي يركز عليها الفيلم بين الحين والآخر، حيث
حضور هذه الكائنات يزداد ويقوى بمصاحبة حضور الشخصيات البشرية.
سرد متداخل
يترك الفيلم هذه الشخصية ليعود إلى غيرها في عملية سردية متوازية لا تؤدي
إلى نتيجة واضحة من البداية إلى النهاية، لأن الفيلم لا يكترث كثيرا بتطور
الإحداث ولا يهتم بما سيحدث، بقدر اهتمامه بالكيفية وطريقة المعالجة، والى
أمد قصير لا يستطيع المتفرج أن يستوعب العلاقة بين الشخصيات، ولا يستطيع
أن يضعها في إطار متداخل ومنسجم، وتبقى حالة الغرابة هي السائدة، ولعل هذا
من الايجابيات التي يمكن أن ننسبها إلى طريقة الكتابة أولا، ثم إلى طريقة
إخراج الفيلم ثانيا. لقد اختار الفيلم شكلا غير تقليدي لقصة تقليدية.
الأحد يونيو 29, 2014 1:49 am من طرف مصطفى الروحاني
» قصيدة هبة الله للشاعر العراقي عبدالله النائلي
الأحد يونيو 29, 2014 1:45 am من طرف مصطفى الروحاني
» رثائية حبيب للشاعر العراقي عبدالله النائلي
الأحد يونيو 29, 2014 1:44 am من طرف مصطفى الروحاني
» تعبان مثل العشگ
الإثنين أكتوبر 17, 2011 2:23 pm من طرف الفراشه الحالمه
» اشتقت اليـــــــك
الإثنين أكتوبر 17, 2011 3:20 am من طرف الفراشه الحالمه
» اخاف عليك من روحي
الإثنين أكتوبر 17, 2011 3:14 am من طرف الفراشه الحالمه
» نهر عطشان
الإثنين أكتوبر 17, 2011 3:08 am من طرف الفراشه الحالمه
» مرثية ليست اخيرة
السبت يونيو 18, 2011 7:00 pm من طرف سامي عبد المنعم
» رحيم الغالبي ..... لك العافية
السبت يونيو 18, 2011 9:16 am من طرف كامل الغزي
» تجليات الفنان الفطري حمد ماضي
الجمعة مايو 27, 2011 11:21 am من طرف كامل الغزي