حدثني السيد حسيني السيد يوسف العلاك رحمه الله عن الشاعر الحسيني الكبير المرحوم عبد الحسين صبره الحلي قائلاً، حفظت عن ظهر قلب اغلب قصائد الشاعر المرحوم عبد الحسين صبرة ولربما يعدني البعض احد رواة اشعاره كنت استمع اليه
وهو يقرأ قصائده الحسينية لخادم آل البيت الاطهار الحاج اسماعيل الجيلاوي والملقب بـ( الحاج اسماعيل التتنجي) لتعاطيه بيع التبغ، وكانا يجلسان في محل الحاج اسماعيل وفي احيان كثيرة كنت استمع للشاعر عبد الحسين صبره وهو يردد ملحناً مطلع القصيدة التي يقراها الحاج اسماعيل ليتأكد الشاعر من أن الاخير قد حفظ طور القصيدة التي سيؤديها على المنبر ،في احد الايام كنت جالساً معهم والحديث للسيد حسيني السيد يوسف واذا بالشيخ حسن العذاري مر من امام ذلك المكان- الدكان- وما ان رآهما وقف مسلماً ودخل ليستمع لتلك القصيدة الجديدة التي يتدرب عليها الحاج اسماعيل - الرادود- بحضور شاعرها عبد الحسين صبره الحلي ومطلع القصيدة يقول :
ينعه راس حسين جسمه
والجسم عالراس ينعه
هذا من نحره ونينه
وهذا من العين دمعه
ولما استمع الشيخ حسن العذاري وهو الشاعر الكبير لهذه القصيدة الرائعة لعبد الحسين صبره ثارت ثائرته وتمنى بداخله ان تكون القصيدة له فانتهض مغادراً المكان وهو يقول ( عجيب امرك هل كنت حاضراً فاجعة الطف) ويؤكد السيد حسيني السيد يوسف العلاك ان الشاعر عبد الحسين صبرة والرادود الحاج اسماعيل الجيلاوي شكلا ثنائياً رائعاً للمنبر الحسيني لان الحاج اسماعيل يمتلك صوتاً رخيماً ساحراً ياخذ الالباب ويستدر العيون اضافة لشاعرية كبيرة ممثلة بالشاعر عبد الحسين صبرة وهكذا نجحا في هذه الثنائية الرائعة والغريب ان هذا الشاعر الحسيني الكبير لم تؤرخ حياته بشكل جيد لانه لم يعقب الا ولداً واحداً لم يتحمل هذه المهمة الجليلة ،ومن النادر ان نجد منبراً حسينياً في كافة العالم الاسلامي وهي لا تردد قصائده من على منابرها في عام2001 اتصل بي المرحوم الشاعر والمهندس والاديب والفنان المرحوم شوقي جابر شعابث طالباً مني الحضور لمطبعة المحقق الواقعة في شارع ابي القاسم- في الحلة- وهو الحاج شوقي وضيوف اخرين بانتظاري وعلى عجالة لبيت طلبه فوجدت شخصان يجلسان بقربه في مطبعة المحقق وبعد السلام عرفني بهما وهما من الجنوب اللبناني حضرا للحلة الفيحاء وارشدا للحاج شوقي جابر للبحث عن قصائد الشاعر المرحوم عبد الحسين صبرة الحلي وفعلاً جلسنا لمنتصف تلك الليلة بعد ان جلبت ما احتفظ به من قصائد لهذا الشاعر الكبير والغريب ان كل القصائد التي قرأناها لهم سواء انا او الحاج شوقي جابر كانت موجودة لديهم جلباها معهم من لبنان ومصدرها من العراقيين الذين يزورون لبنان وجنوبه ايام عاشوراء وكان لهما حس نقدي رائع بحيث انهما يقولان ان هذه القصيدة لعبدالحسين صبره لانها طريقته بالكتابه هكذا وهذه القصيدة لا نعتقد انها له وخبرتهما هذه لمعرفتهما القاطعة بنتاج شاعرنا عبد الحسين صبره الحلي ولم اعرف هل انجزا ديوانه وطبع في لبنان ام لا وسنترك ذلك للسنين لانها مفتاح الحل الذي نجهل وحسناً فعلت جمعية الرواد المستقلة واخرجت قصائد هذا الشاعر الكبير للنور وجمعها بديوان ، ولقد كرس الشاعر عبد الحسين صبره الحلي جل قصائده الحسينية لما يسمى بقصيدة اللطمية او الوكفه ومن لا يذكر قصيدته التي ترددها المنابر الحسينية في العراق والدول الاسلامية ايام عاشوراء وليومنا هذا
شحال بينك يعباس وبيني
ماني خوك حسين كوم احميني
**
كوم سل سيفك علي دارت الناس
واعلم امن الناصر اكطعت الاياس
امحشم ونخاي جيتك يعباس
كوم شوف العسكر موازيني
***
وفي قصيدة اخرى لطميه ايضاً يخص بها أبا الفضل العباس(ع) يقول بمطلعها
جي عيونك يعباس ينامن
والحرم سوم العبيد نسامن
و( جي عيونك) يقصد كيف تنام عيناك يا أبا الفضل العباس (ع) وعيالك سبيت واسرت الى ان يقول:
يعباس وليك كصدن من بعيد
يعاتبنك والعتب حك عالعميد
يعباس الحرم ما تعذر تريد
ولو عليك اعتبن ما ينلامن
ما يكولن دونه العباس مات
منك يريدن مثل ما بالحياة
يعباس وهاي من شان الخوات
عد اخوهن يشكن الينظامن
وله من المولات لآل البيت الاطهار درراً ترصع نتاجه العزيز وقد خص بموالاته لامير المؤمنين علي (ع) واذكر له موالاً -زنجيل- يقول مطلعه (يمكلم الميت يمعيد الشمس والفلك) ولانه طويل يقع في سبعة اقفال ساتركه وادون
دخلك يبو حسين روحي بالاجل لوبدت (حشرجة الموت)
وبحساب الاملاك باجر شعتذر لو بدت (البداية)
يالمنك حيود فرسان الوغة لو بدت (ختلت منها)
دخلك وبحماك من عصرت ضريحي شمس (كيف امسي)
وجسم اليواليك من نوع العذاب اشيمس (ماذا يمس)
الليل ذنبي واسمك بالصميده شمس (الشمس)
والشمس لليلي تمحي ياعلي لوبدت (اشرقت)
والى غير ذلك من القصائد التي لا تزال حية يرتلها الرواديد من على المنابر الحسينية في كافة العالم الاسلامي.
ولو تركنا القصائد الحسينية وتوجهنا صوب ما ترك من قصائد وابوذيات وموالات ودارميات اجتماعية واخوانية وغزلية لعرفنا قوة سبك قصائده وجماليتها ورصانتها رغم قلة ما وصل الينا منها ونبدأ بهذا الدارمي ذو الكلمات القليلة والصور الزاخرة التي يحملها من الصراع بين العاذل والرد عليه معرجاً لحالة نفسية حيث البكاء تخفيفاً لآلام تنازعها النفس البشرية
يكلولي بطل بجاك عينك بها املاح
وادري البجه اعله هواي بيه كلبي يرتاح
ولعبد الحسين صبره مساجلات كثيرة مع مجايليه من الشعراء ومن اجملها مساجلة الباجة التي ابتدأها واختتمها هو وهذا من شروط المساجلات الشعرية ويذكران الشاعر محمد علي بنيان الجبوري دعى اصدقائه الشعراء لوجبة غداء (باجات) في بستانهم الواقعة في محلة الخسروية / بابل وانذاك لم تكن الطباخات الغازية وقدور الضغط متوفره بل تنضج على النار الحطب وشاءت الصدف انها لم تنضج وتأخرت لما بعد صلاة الظهر بمدة طويلة واستدرك مضيفهم وجلب كيشة تمر فاكلت عن أخرها ولم يتهيأ الغداء الا بعد حين فانشأ عبد الحسين صبرة قائلاً:
شلون باجه وينذكر تأريخها
بين سيد تو كعلنه وشيخها
والقصيدة طويلة والحضور لتلك المأدبة هم عبد الصاحب عبيد، عبد الحسين صبرة الحلي والشيح حسن العذاري ، السيد محسن العميدي، محمد علي بنيان والقصيدة ارتجالية للجميع.
ولو درسنا ابوذياته رغم قلتها او قلة ما وصل الينا لوجدنا انه
قد تميز بين مجايليه بهذا اللون الجميل فهو يختار الجناسات الصعبة وغير المطروقة بهذا اللون ليؤكد قدرته بهذا المجال
ونيني حرك دلالي يفاره جعله يغلي
اعله خل الحافر الخله يفاره حفره
غاب الكط حله لعبج يفاره الفار
اعلى كيفج والديار امست خليه
ولو تمعنا بفنية الجناس الذي يستخدمه في هذا الابوذية والذي تلاعب بالمفردة الجناس ليطوعها لما يريد
حبيبي كون شمامه ولجفاك التلقف
بديه وبهذا الساني ولج فيك اللجاجة
بجميع العلل عذبني ولاجفاك الصدود
العلل تبره وجفاك العم عليه
واجد ان اجمل ابو ذياته ذو الجناس طلعنه فالجناس الثاني في الابوذية عمر بهواك كظينه طلعنه بمعنى طال عنائنا لو جدنا انه قد فتح بابا جديدا لمحبي هذا اللون لكي يتصرفوا بالجناسات لاحقاً واعني بهم الشعراء الشعبيون
ترف بكتاب هجرانك طلعنه المطالعة
وعمر بهواك كضينه طلعنه طال عنائنا
احنه اهل الخلف بالله طلعنه خرجنا
نفع ما صابنه غير الاذيه
(بحشاشتي سهمك مض)
في السنين الاخيرة لحياة المطرب الذي لا يتكرر رياض احمد وصلت اليه قصيدة الشاعر عبد الحسين صبرة بحشاشتي سهمك مض والتي نظمت عام1912م وغناها الفنان الراحل رياض احمد نهاية الثمانينات او بداية التسعينات للقرن المنصرم وما ان غناها الراحل رياض احمد حتى رددتها بعده حناجر المطربين العراقيين وسمعتها بصوت مطربة غجرية اردنية والغريب ان الشاعر عبد الحسين صبرة لم يكتب هذا القصيدة عن تجربة عاطفية ولكنه كتبها تحدياً لشعراء جيله حيث قالوا ان جناس حرف الضاد قليل ولا يمكن ان يبني به قصيدة جميلة فكتبها وهي من وزن الجلمه ونص كما يصنفها العروضيون الشعبيون
بحشاشتي سهمك مضه
وعكبك علي ضاك الفضه
اللي حظه بوصلك حظه
والما حظه ياول حظ
***
حظه ردي وعمره خسره
اللي الشخصك ما يره
جفني امعيّ امن الكره
ما استلذ ساعة واغمض
***
عبد الحسين ببلوغرافيا
*ابو غطريف عبد الحسين عليوي سلمان الشجيري ولقب بصبره نسبة لاسم والدته
*متزوج وله ولد واحد وثلاث بنات جاوروا ربهم جميعاً
ولد في الحلة محلة الطاق ولم نقف على تأريخ ولادته
* توفى عام1942 عن عمر قدر فوق الثمانين ودفن في النجف الاشرف .
*عاش فقر الحال ولم يكن له عمل يذكر ولحسن حظه عمل بكتابه العرائض.
المصادر:
1- ديوانه الصادر عن جمعية الرواد،2- فنون الادب الشعبي علي الخاقاني.
3- معلومات مدونة من السيد حسيني السيد يوسف.4- الابوذيات مصدرها الشاعر والباحث سليم العزاوي (متفق عليها) .5- الموال والدارمي مصدره الشاعر السيد علوان السيد غالب العلاك (متفق عليها) .
ملاحظة: يرى البعض من الباحثين ان مساجلة قصيدة الباجة افتتحها مضيفهم الشاعر محمد علي بنيان وكما اورده الباحث علي الخاقاني.
------------------
حامد كعيد الجبوري -بابل
الأحد يونيو 29, 2014 1:49 am من طرف مصطفى الروحاني
» قصيدة هبة الله للشاعر العراقي عبدالله النائلي
الأحد يونيو 29, 2014 1:45 am من طرف مصطفى الروحاني
» رثائية حبيب للشاعر العراقي عبدالله النائلي
الأحد يونيو 29, 2014 1:44 am من طرف مصطفى الروحاني
» تعبان مثل العشگ
الإثنين أكتوبر 17, 2011 2:23 pm من طرف الفراشه الحالمه
» اشتقت اليـــــــك
الإثنين أكتوبر 17, 2011 3:20 am من طرف الفراشه الحالمه
» اخاف عليك من روحي
الإثنين أكتوبر 17, 2011 3:14 am من طرف الفراشه الحالمه
» نهر عطشان
الإثنين أكتوبر 17, 2011 3:08 am من طرف الفراشه الحالمه
» مرثية ليست اخيرة
السبت يونيو 18, 2011 7:00 pm من طرف سامي عبد المنعم
» رحيم الغالبي ..... لك العافية
السبت يونيو 18, 2011 9:16 am من طرف كامل الغزي
» تجليات الفنان الفطري حمد ماضي
الجمعة مايو 27, 2011 11:21 am من طرف كامل الغزي